تنفيذ الخارج عن الميزانية
يقصد به مجموع العمليات التي يتم بواسطتها تحصيل املداخيل وإنفاق النفقات، أي التطبيق العملي للعمليات المالية. ويخضع تنفيذ الخارج عن الميزانية لقواعد أساسية تميزبين العمليات الإدارية والمحاسبية للمداخيل والنفقات على السواء، وتستند كذلك على مبدأي الثنائية و الفصل بين المهام.
1-2) الفصل بين المهام
يعتبر مبدأ فصل السلط من المبادئ الجوهرية التي تقوم عليها المحاسبة العمومية، حيث يحول دون شخصنة تنفيذ العمليات المالية في شخص واحد، فهناك من المهام الوظيفية ما يمكن اعتبارها متعارضة ومتنافية، ولا يمكن أن يعهد بها إلى نفس الشخص، ماعدا إذا كانت هناك مقتضيات تنص على خلاف ذلك.
فوجود مهام وظيفية تتنافى ممارستها مع مزاولة مهام أخرى، دفع المشرع إلى إقرار مبدأ فصل السلطات بعضها عن بعض بغرض حماية المال العام؛ ولهذا الغر ض وجب تدخل فئتين منفصلتين في تنفيذ عمليات المداخيل والنفقات،
وهما:
- الآمرون بالصرف العموميون.
- المحاسبون العموميون.
هذه الثنائية تشكل اللبنة الرئيسية بالنسبة لتنظيم المالية العمومية، فلا يمكن للشخص الذي يملك السلطة التقريرية، أي قرار إنشاء الإيرادات والنفقات، أن يكون هو نفسه الذي يملك السلطة التنفيذية، أي يقوم بتحصيل الإيرادات وتسديد النفقات، هذا المنطلق أفضى إلى إرساء مجموعة من القواعد وألاحكام ذات الصلة بالعمليات المالية والحسابية للمنظمات العمومية (الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية)، وبتحديد الالتزامات والمسؤوليات الموكولة للأعوان المكلفين بها، ويتعلق الأمر بالمرسوم الملكي330-66 بتاريخ 22 أبريل 1967 بسن نظام عام للمحاسبة العمومية.
وتعتمد المؤسسات التعليمية على نفس المبدأ في تدبيرها المالي، حيث يوكل هذا التدبير إلى كل من مدير ومسير.
2-2) الأشخاص المكلفون بالتنفيذ
إن عدم خضوع إدارة وتدبير أموال المؤسسة لنظام المحاسبة العمومية لا يعفينا من ضرورة احترام نية المشرع وتوجهه القاضي بالفصل بين السلطات واستقلال بعضها عن بعض، هذا الاعتبار هو ما كان وراء اعتماد السلطة الحكومية المكلفة بالتربية والتكوين الهيكلة الإدارية للمالية العمومية المرتكزة على مبدأ الثنائية، وتطبيقها على إدارة مالية المؤسسة التعليمية مع بعض الاستثناءات، تتجلى هذه الهيكلة في تخويل فئتين من الموظفين أمر تنفيذ العمليات إلادارية والمحاسبية للمؤسسة، وهما:
- رئيس المؤسسة (يقوم بدور الآمر بالصرف، ولا يعتبر آمرا عموميا).
- مسيرالمصالح المادية و المالية (يقوم بدور المحاسب، لكنه ليس بمحاسب عمومي، ولا بمحاسب بحكم الواقع).
وهناك اعتبارات أساسية تبرر تطبيق هذا المبدأ، تتجلى في الآتي:
-الاعتبار التنظيمي: تقسيم المهام بين المدير و المسير أملته ضرورة حماية مالية المؤسسة من أن تنتهك حرمتها. فالأموال لا توضع تحت يد المدير ولكنه يتمتع بسلطة التقرير في شأنها، وفي المقابل توضع الأموال بين يدي المسير ولكنه لا يتمتع بسلطة التقرير، أضف إلى ذلك، أن المديرلا يكون في أغلب الحالات ملما بشؤون المحاسبة.
-الاعتبار الوظيفي: من أجل تفادي أي تعسف أو شطط في استعمال السلطة عند التصرف في الأموال، كما يفرض على كل من يعنيه الأمر مسؤوليات معنوية تقضي بأن يتجنب كل ما يمكن أن يثير الشبهات.
-الاعتبار الرقابي: اختلاف صلاحيات ومسؤوليات المدير عن صلاحيات ومسؤوليات المسير يحتم توزيع الصلاحيات بين المهمة الإدارية والمهمة المحاسبية،ذلك أن توزيع المهمتين يؤمن المحافظة على الأموال ويضمن رقابة متبادلة وفعالة ومستمرة على إنجاز العمليات المالية في المؤسسة انطلاقا من مبدأ " السلطة تحد السلطة ".
3-2) التسيير بحكم الواقع (المحاسب بحكم الواقع)
جاء في المادة 27 من مدونة المحاكم المالية ( القانون رقم 99.62 بتاريخ 13 يونيو 2002 ) : "يعتبر محاسبا بحكم الواقع كل شخص يباشر من غير أن يؤهل لذلك من لدن السلطة المختصة عمليات قبض الموارد ودفع النفقات وحيازة واستعمال أموال أو قيم في ملك أحد ألاجهزة العمومية الخاضعة لرقابة املجلس، أو يقوم دون أن تكون له صفة محاسب عمومي بعمليات تتعلق بأموال أو قيم ليست في ملك الأجهزة المذكورة، ولكن المحاسبين العموميين يكلفون وحدهم بإنجازها وفقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل ".
وفي هذا إلاطار، جاء في الفصل 16 من المرسوم الملكي 66.330 بتاريخ 21 أبريل 1967 بسن نظام عام للمحاسبة العمومية: "يعتبرمحاسبا بحكم الواقع كل شخص يقوم دون موجب قانوني بعمليات المداخيل والنفقات، أو يتناول قيما تهم منظمة عمومية بصرف
النظر عن المقتضيات الجنائية المعمول بها. وتجري على الشخص المعتبرمحاسبا بحكم الواقع نفس الإلتزامات والمراقبات الجارية على محاسب عمومي ويتحمل نفس المسؤوليات"، وبموجب المادة والفصل المذكورين آنفا، فاعتبار شخص ما ( ذاتيا أو معنويا ) مسيرا (محاسبا بحكم الواقع)، يستوجب توفر العناصر والأركان الآتية:
-انعدام الصفة.
-الأموال المقبوضة أموال عمومية (لفائدة جهاز عمومي).
-قبض الموارد العمومية منوط مبدئيا بالمحاسب العمومي.
مما سبق، نستنتج أن ألافعال التي ينصرف إليها التسيير بحكم الواقع، هي عمليات قبض الموارد ودفع النفقات واستعمال الأموال والقيم بدون صفة المحاسب العمومي أو من يقوم مقامه، وهي حالات تقترف من طرف العديد من المرافق العمومية بسوء نية أو بحسنها. ومن الأمثلة على ذلك في حالة المداخيل، عندما يقوم موظف ، بإصدار أمر صوري بهدف استتخلاص أموال عمومية عن طريق بيع متلاشيات، أو معدات أو أشجار ليطعم مالية المصلحة أو يغذي صندوقا أسودا من دون اتباع المسطرة المنصوص عليها في التشريعات
الجاري بها العمل.
وفي إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، وبما أن المسيربحكم الواقع يجري عليه ما يجري على المحاسب العمومي أثناء تحمله المسؤولية بحكم الواقع، فإن المسطرة المتعلقة بالتدقيق والبت في الحسابات تطبق عليه كما هي منصوص عليها في مدونة المحاكم المالية.